الدبلوماسية السعودية الجديدة- رؤية 2030 ودور البعثات في الخارج

المؤلف: حمود أبو طالب10.25.2025
الدبلوماسية السعودية الجديدة- رؤية 2030 ودور البعثات في الخارج

عُقد خلال الأسبوع المنصرم الاجتماع الخامس لرؤساء بعثات المملكة في الخارج، تحت عنوان بارز ومهم: «الدبلوماسية السعودية الجديدة: الثوابت والمستجدات في ضوء رؤية 2030». والحقيقة الراسخة هي أن هذا الموضوع تحديدًا، أي موضوع الدبلوماسية السعودية، يستحق بجدارة كل اهتمام ونقاش، وذلك لما يمثله من أهمية قصوى في هذه المرحلة الدقيقة، ولما ينبغي أن تضطلع به البعثات من مهام وواجبات جسيمة، بهدف تفعيلها بالصورة المثلى التي تتواكب مع الأدوار الجوهرية التي تنهض بها المملكة دبلوماسيًا في محيطها العربي والإقليمي والدولي، وما تتركه من بصمات واضحة في معالجة الكثير من القضايا والملفات الحساسة والمعقدة.

إن الحقيقة الساطعة التي يدركها الجميع، هي أن دبلوماسية مرحلة الرؤية قد شهدت تحولًا جذريًا وتغيرًا ملحوظًا عما كانت عليه الدبلوماسية السعودية في حقب زمنية سابقة؛ فهي تتسم الآن بالديناميكية العالية والواقعية الشديدة، وذلك بهدف تعزيز مكانة المملكة المؤثرة وترسيخ ثقلها، وتحقيق مصالحها الاستراتيجية المتنوعة والشاملة، وأيضًا لترسيخ صورة ذهنية إيجابية وواقعية عن النهضة الشاملة التي تعيشها المملكة في أوساط مجتمعات العالم قاطبة، وذلك من خلال التواصل الفعال والبناء مع مراكز التأثير المحورية في الرأي العام وصنع القرار السياسي والاقتصادي وتشكيل الانطباع العام. إن المهمات الرسمية التقليدية للبعثات الدبلوماسية، التي كانت معروفة في السابق، لم تعد وحدها كافية أو وافية بالغرض في الوقت الراهن، إذ يجب الآن التركيز بالقدر نفسه، بل وربما بصورة أكبر وأعمق، على الدبلوماسية الشعبية، باعتبارها وسيلة ناجعة لتفعيل عناصر القوة الناعمة للمملكة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إبراز جوانب الثقافة والفنون الرفيعة والآداب العريقة والتأريخ المجيد والتراث الأصيل والآثار الشامخة والسياحة الجذابة والفلكلور الشعبي الغني وغيرها من الجوانب المضيئة التي تمثل الهوية الأصيلة للمجتمع السعودي، وهذا الأمر يتطلب بالضرورة إقامة تواصل مؤثر وبناء مع الجهات المسؤولة عن هذه الجوانب الحيوية، وإنشاء برامج للتعاون المثمر والتواصل الدائم والتبادل الثقافي الرفيع، خصوصًا مع المجتمعات التي لم تجمعنا بها علاقات دبلوماسية وطيدة في الماضي، أو تلك التي بدأنا الانفتاح عليها مؤخرًا بخطوات واثقة.

وهنا، لا مناص من الإقرار بأننا نلحظ تفاوتًا واضحًا في النشاط الذي تضطلع به بعثاتنا الدبلوماسية المختلفة، إذ نجد أن بعضها يتصف بالانفتاح الملحوظ والتواصل الكبير مع مختلف الشرائح المؤثرة في المجتمعات المضيفة، والحضور اللافت والمميز في الفعاليات والمناسبات المتنوعة، والقدرة الفائقة على البروز الإيجابي في وسائل الإعلام المختلفة، وذلك بهدف التعريف بالمستجدات الإيجابية التي تحدث في المملكة، وتفنيد بعض الانطباعات السلبية والمعلومات المغلوطة التي قد تشوب الصورة الحقيقية، بينما نجد البعض الآخر في حالة من الانزواء والعزلة النسبية، مقتصرًا فقط على التواجد الرسمي البروتوكولي، دون أي نشاط ملحوظ أو مبادرات ملموسة ومؤثرة، وهذا الأمر تحديدًا هو ما يجب أن يتغير ويتطور، لأن تمثيل المملكة في الخارج في هذا العصر، يجب أن يكون انعكاسًا حقيقيًا لحجمها الكبير ومكانتها المرموقة وتأثيرها القوي، والحراك التنموي الكبير الذي تشهده على كافة الأصعدة. إننا نطمح إلى أن نرى جميع بعثاتنا الدبلوماسية شعلة من النشاط المتوقد، تليق باسم المملكة ومكانتها الرفيعة ومجتمعها الحيوي.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة